الإنتحار الجماعي للكرة العربية في بلاد البافانا

خريف غريب في عز الربيع العربي كل الأوراق تساقطت وتلاشت كأني بانتحار جماعي سكتة قلبية عمت كل بلدان الشمال الافريقي كرويا من

المحيط الأطلسي الى البحر الأحمر لا ترى سوى مظاهر النكسة حيث تتأجج نيران الحسرة العيون تغرق في دموع الأسف على الزمن الماضي

الجميل يا ليت شباب الكرة العربية يعود يوما الصدور تتصعد بأمواج الغضب والسخط والخيبة تبادلنا الاتهامات عزفنا على أوتار الخيانة

المؤامرة التخاذل مسحنا الإخفاق في كل شيء لاعبين مدربين تحكيم اطر اتحادات لعننا الحض سخطنا على الظروف حللنا و ناقشنا لكن في

الأخير لم نهتدي الى تفسير لما حدث لأنه لو تعلق الامر بمنتخب او منتخبين لكان الامر عاديا لأنه من الطبيعي ان تعرف الكرة في أي بلد من

العالم دورات بيولوجية تبدأ في البناء تمر على الطفرة والتألق وتنتهي بالانهيار والشيخوخة وهكذا نعيد البناء مجددا الى ما لانهاية المهم ان

الأمور تكون طبيعية في نطاق سنة كروية عادية يخضع لقوانينها الجميع.

الغريب في الامر انه لأول مرة نخرج عن المألوف والذي يقضي بتألق فرق عربية وتواضع أخرى وفي كل مرة يتسلم المشعل أحدهم من أخيه

في إطار تناوبي وأكثر من حمل المشعل المنتخب المصري والنتيجة تواجد شبه دائم للمنتخبات العربية في النصف على الأقل وكثير من الأحيان

في النهاية حيث تكون الكرة العربية فاعلا أساسيا ومراهنا رئيسيا وليس مجرد مشارك للتنشيط البطولة.



منتخبات اختارت التواري والغياب على راسهم مصر السودان وليبيا ومنتخبات أخرى أصبح تأهلها إنجازا في حد ذاته ولو كان الخصم بدون

رصيد تاريخي في مستوى ارشيفها ومساهمتها في تاريخ الكرة الافريقية وحتى التي تأهلت لم يتعدى سقف املها في تجاوز الدور الأول لست

أدرى هل تواضعا منها ام احتقار للذات والإمكانيات او فقدان للثقة في النفس الامر يشبه فصل الخريف الذي يعم الارجاء وتتساقط اثناءه كل

الاوراق المصري والليبي يفسر الخيبة بالثورة والاحداث السياسية التونسي يحمل تارة المدرب وثارة أخرى فقر الرصيد البشري المغربي عزى

الإخفاق الى تخاذل بعض المحترفين او سوء التدبير من المدرب , الجزائري عزا الإخفاق الى التحكيم السيئ وسوء الحض الى غيرها من

التبريرات الكثيرة والتي لا تكاد تنتهي أصبح الكل مدرب وإطار تقني ومحلل لعله يجد عزاء لحرقته ومصابه الجلل لعله يتجرع مذاق المرارة

الحنظلي أصبحت الكان ميتما للامة العربية بالرغم انها عرس كروي للاحتفال و الاستمتاع بفنيات و قدرات الشباب في القارة السمراء في

سهرة مونديالية افريقية مغرية و لذيذة لاكن مع الأسف صبحت بمذاق العلقم و بحزن مأتم نحس ومغرم.



ما السبب يا ترى في مرض كرتنا؟ حيث الوهن الضعف المعاناة ما هو القاسم المشترك الذي ممكن نستند اليه في جص الداء قصد إيجاد الدواء والبلسم سعيا وراء الشفاء؟

فكرت تم فكرت فقدرت الأمور كالآتي سبب مصيبتنا هي التسييس الكروي والممارسات الكروية في العهود الديكتاتورية حيث اعتبر حكامنا الكرة

افيونا للإلهاء وتحويل الأنظار ولعل واقعة مصر والجزائر إلا رائحة فاحت في لحظة غفلة وغضب منهم لقد بان في تلك اللحظات المليئة

بالتشنج ان الكرة ليست مجرد لعبة للترفيه او قطاع اقتصادي اجتماعي للدخل والاسترزاق بل أصبحت أيدولوجية لها مبادئ وقوانين و خطوط

حمراء و كأنها معارك حربية في ميادين الوغى وليست مقابلات فوق بساط اخضر والادهى من ذلك تم ربطها بالشرف فالانهزام خطيئة لا تغتفر

تم ربطها بالعرض فالهزيمة حينها تصبح مساوية للتعرض للغزو و الاحتلال و الاستعمار النتيجة شعوبا تصبح راضية في رمشة عين و هي

لاتزال ترزح تحت كل ويلات المشاكل الاجتماعية في ومضة خرج ذلك الشاب احتفالا بفوز منتخب قومه الى درجة الهيستيريا بعدما كان

معتصما امام البنايات الحكومية يسعى الى لقمة من عيش كريم.



عفوا كرتنا محرفة ومزيفة عن حقيقتها كرتنا أصبحت ضالة تعيش في ضلال بعيد تائهة بدون هدى منير خرجت كليا عن مسار الرياضة عن

النص فقدت المعنى والمغزى والاستنتاج تم الباسها لباسا باطلا لا يواتيها كرتنا أصبحت تلعب أدوارا غير ما وجدت لها تم تحميلها ما لا طاقة

لها به تم استغلالها في غير موضعها و النتيجة لاعبين متشنجين مكبوتين فنيا غير مركزين تكتيكيا يحسبون انفسهم جنودا ومدافعين رسميين

عن الدين و العرض و الوطن اقبار للمواهب التي تعتمد على الاستمتاع حروب جماهيرية طاحنة نار الشغب تشتعل في كل مكان انها الجاهلية

الثانية بكل معانيها و تجلياتها لقد ابتعدنا عن المفهوم الطبيعي للكرة فجلدتنا في اول مناسبة سنحت لها انتقمت منا مرغت انوفنا في ادغال

افريقيا و انصفت بناءها الحقيقيين الذين لعبوها على سجيتها و طبيعتها تركوا الابداع للسيقان و الاقدام بدل ان يتركوه للعواطف و المبادئ

الانسان الافريقي يداعب الكرة ن اجل ان يستمتع و يمتع بينما نداعبها من اجل ان نضحك و نتشفى في بعضنا البعض من اجل ان نتحارب و

نحارب في معارك لا توجد الا في خيالاتنا ما بين الغرور و الخيلاء ضاع كبرياءنا و تحطمت عزائمنا و النتيجة انتحار جماعي للكرة العربية

ببلاد البافانا في صورة دراماتيكية قاتمة سوداء حزينة عرت عن واقع المستديرة في العالم العربي.





السلام عليكم ورحمة الله